بقلم : الناشطة فاطمة ابودلو
وكالة سباي سات الاخباري - عمان - في كل مرة تبلغ فيها فتاة سنًا معيّنًا دون أن "تتزوج"، يبدأ المجتمع من حولها بإطلاق صافرات الإنذار. ترتفع الهمسات، تكثر النظرات، وتُسحب الكراسي في المجالس لتبدأ محاكم التفتيش الإجتماعية: لماذا لم تتزوج؟ ما الذي ينقصها؟ هل رفضت؟ هل رُفضت؟ هل انتهى وقتها؟
لكن من الذي قرّر أن الزواج قدرٌ لا مفر منه؟ ومن الذي أعطى المجتمع حقَّ تحويل المرأة إلى مشروع مؤقت لا يكتمل إلا بالخاتم الأبيض؟
في الحقيقة، هناك نساء لم يُكتب لهن الزواج، لا لأنهّن ناقصات، بل لأن الحياة كانت أصدق معهن من أن تدفعهن إلى زواج يشبه المذبحة. بعض النساء اخترن النجاة على الخضوع، الحرية على القيد، والكرامة على لقبٍ اجتماعي لا يعني شيئًا إن خلا من الحب والإحترام.
الزواج ليس إنجازًا، ولا تأخره فشل.
فكم من امرأة ارتدت الفستان الأبيض ومضت إلى حياة سوداء؟ وكم من امرأة عادت إلى بيت أهلها بأطفالها، لا لأنها ضعيفة، بل لأنها رفضت الذلّ؟
ثم يُقال لها بعد الطلاق: إجلسي لأولادك، لا يحق لكِ أن تحلمي بزواجٍ جديد، فقد أصبحتِ "ناقصة الإمتيازات"!
كأننا نعيش في قطيع لا يفهم إلا التناسل، يأكل ويتزاوج ويتكاثر، دون أن يجرؤ على التفكير أو التساؤل.
أليس من حق المرأة أن تعيش وحدها بكرامة؟
أن ترفض رجلاً مهينًا، أن تهرب من سقفٍ يهطل قسوةً بدل الحنان؟
أليس من حقها أن تقول: لا أريد أن أكون جزءًا من هذه المسرحية؟
كفّوا عن الرثاء لامرأة لم تتزوج، فلربما كانت أكثر وعيًا منّا جميعًا.
كفّوا عن التطفل على أعمار النساء، وعن اختزال حياتهن في لحظة دخول قاعة العرس.
في النهاية، ليست كل النساء خُلقت لتُحب وتُخطب وتُزف.
بعضهن خُلقت لتكون، وحسب.
وهذا كافٍ جدًا.
#فاطمة ابودلو

