بقلم: الدكتور أمين أبو حجلة
وكالة سباي سات الاخباري -عمان- بعبارة صادقةٍ خرجت من القلب لتستقر في قلوب الأردنيين، قال جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين:
يتساءل بعضكم كيف يشعر الملك؟ أيقلق الملك؟ نعم، يقلق الملك، لكن لا يخاف إلا الله... ولا يهاب شيئاً وفي ظهره أردني."
كانت تلك اللحظة ذروة الصدق في خطاب العرش السامي، الذي ألقاه جلالته في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين، فلامس الوجدان الأردني قبل العقول، وأعاد ترسيخ معاني الثقة والالتفاف حول القيادة الهاشمية التي حملت الوطن على كتفيها في كل المنعطفات.
جاء الخطاب حافلاً برسائل الأمل والمسؤولية، مؤكداً أن الأردن، الذي وُلد في قلب الأزمات، ما زال يواصل مسيرته بثباتٍ وإرادةٍ لا تلين، بفضل وعي أبنائه ووحدتهم الراسخة.
تحدث جلالته بلسان الأردنيين جميعاً، حين أشار إلى أن هذا الوطن "نما رغماً عن الصعاب، واشتدّ عوده، وتجاوزها واحدة تلو الأخرى"، مذكّراً بتاريخٍ طويلٍ من الصبر والبناء والعطاء.
وفي جانبٍ آخر، شدّد الملك على أن الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية ليست ترفاً، بل ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل، داعياً إلى العمل الجاد بعيداً عن التراخي، ومؤكداً أن الوقت ثمين، وأن الوطن يستحق الأفضل.
كانت الرسالة واضحة: لا مكان للتردد، ولا سبيل للتراجع، فالمسؤولية اليوم جماعية، والواجب أن يلمس المواطن أثر التحديث في حياته اليومية.
ولم يغب عن الخطاب البُعد الإقليمي والإنساني، إذ خصّ جلالته أهل غزة بكلماتٍ مؤثرةٍ تنبض بالأخوّة والوفاء، مؤكداً أن الأردن سيبقى إلى جانبهم بكل إمكاناته، في موقف يعكس عمق الرسالة الهاشمية ومواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية والقدس الشريف.
وفي هذا السياق، أكّد جلالته على الموقف الأردني الثابت والراسخ تجاه الضفة الغربية والقدس الشريف، مشدداً على أن الانتهاكات المتكررة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لن تُقبل أو تُغضّ عنها العين، فالأردن، بقيادته الهاشمية، سيبقى السند الأمين والداعم الدائم لحقوق الشعب الفلسطيني في نيل حريته وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
كما جدّد جلالته تمسّكه بـ الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، باعتبارها أمانة تاريخية ودينية يتحمّلها الأردن بشرف ومسؤولية، دفاعاً عن هوية المدينة وقدسيتها، وحفاظاً على إرث الأمة وكرامتها.
إن خطاب العرش لهذا العام لم يكن مجرد افتتاحٍ لدورةٍ برلمانيةٍ جديدة، بل كان محطةً لتجديد الإيمان بالأردن، وتجسيداً لنهج القيادة القريبة من نبض الشعب.
فحين يقول الملك "لا يهاب شيئاً وفي ظهره أردني"، فهو يلخّص عقداً اجتماعياً متيناً، عنوانه الثقة المتبادلة بين القائد والشعب، وجوهره المحبة والانتماء.
ختاماً، يمكن القول إن خطاب العرش لهذا العام لم يكتفِ بتشخيص الواقع أو رسم الطموح، بل بعث في النفوس طاقةً جديدة، تذكّر الجميع بأن الأردن، مهما اشتدت العواصف، يبقى ثابتاً، شامخاً، واثقاً بخطاه، يقوده ملك يشارك شعبه القلق... لكنه لا يعرف الخوف.
حفظ الله الأردن شامخاً راسخ الأركان، بقيادته الحكيمة وشعبه المخلص.
الدكتور أمين أبو حجلة
رئيس فرسان السلام

