-->
وكالة سباي سات نيوز وكالة سباي سات نيوز
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

شطناوي يكتب ... السياحة التعليمية في الأردن .



 السياحة التعليمية في الأردن  لماذا تفوقت الجامعات الخاصة… وهل خسرت الجامعات الحكومية سباق الاستقطاب


بقلم : الأستاذ الدكتور حكم سالم شطناوي


وكالة سباي سات الاخباري - عمان - تتصدر السياحة التعليمية، أو ما يُعرف بـ"edu-tourism"، اليوم أجندة الاقتصاد العالمي، ليس فقط كفرصة تعليمية، بل كقطاع اقتصادي متكامل. فقد قدر المختصون أن المملكة المتحدة وحدها يمكن أن تحقق 71.9 مليار دولار أمريكي في عام 2024/2025، وهو مؤشر واضح على الإمكانات الضخمة التي يحملها هذا القطاع.



في الأردن، على الرغم من القدرات الأكاديمية العالية، يظهر الواقع أن الجامعات الحكومية لم تستثمر هذا القطاع كما ينبغي. وفقًا لإحصاءات العام الجامعي 2024–2025، بلغ إجمالي أعداد الطلبة الوافدين في مؤسسات التعليم العالي الأردنية 51,647 طالبًا وطالبة من 113 دولة. المفاجئ أن الجامعات الخاصة، (18 جامعة خاصة مقابل 10 جامعات حكومية)، استقطبت 62% من هؤلاء الطلبة الوافدين، بينما الجامعات الحكومية، الأكثر عراقة والأكبر تجهيزًا والأكثر عددًا من حيث أعضاء هيئة التدريس والتخصصات، اقتصرت على 38% فقط. هذه الأرقام تكشف فجوة واضحة في استغلال الأردن لإمكاناته التعليمية لجذب الطلاب الأجانب، رغم حجم الإمكانيات المتاحة.



الجانب الأكاديمي في الجامعات الحكومية يمثل أحد العوامل الرئيسة التي تحد من استقطاب الطلبة العرب والأجانب، إذ لا يزال بعض أعضاء هيئة التدريس يتعامل معهم من منظور "النجاح أو الرسوب"، مع تركيز مفرط على الدرجة النهائية فقط، دون مراعاة لخلفياتهم الثقافية ودون إدراك أن هؤلاء الطلاب جزء من برنامج سياحة تعليمية يمكن أن يساهم في تعزيز صورة الجامعة دوليًا ويضيف قيمة اقتصادية وسياحية للبلاد. هذا التعامل الطارد، الذي غالبًا ما ينبع من الخوف من التهم بالتواطؤ أو المحاباة، يجعل الأساتذة مترددين في تقديم المرونة أو التسهيلات التي قد يحتاجها الطالب الأجنبي، مما يقلل من الفائدة المحتملة التي يمكن تحقيقها من خلال استقطابهم.



نظام الدراسات العليا في الأردن يمثل تحديًا آخر، إذ تظهر الإحصاءات أن 8% فقط من الطلبة الوافدين ملتحقون ببرامج الدراسات العليا. يعود ذلك إلى اعتماد معظم الجامعات الحكومية على دراسة المواد إلى جانب الرسالة، ما يجعل حضور الطالب وإقامته المستمرة ضرورة. هذا النظام يقلل من قدرة الطلاب الأجانب على الالتحاق بالبرامج الأردنية، ويحد من جاذبية البلاد مقارنة بالدول الأخرى التي توفر برامج مرنة تعتمد على البحث فقط. أن اعتماد نظام البحث فقط للطلبة الوافدين، أو نظام المواد والبحث بحيث تُدرس المواد "عن بُعد" مع إمكانية حضور مكثف خلال فصل واحد، يمكن أن يزيد من الإقبال على الجامعات الأردنية ويحولها إلى وجهة تعليمية مفضلة، دون الحاجة لإقامة طويلة أو التزام أسبوعي مستمر. هذا التغيير يمكن أن يعزز بشكل مباشر إيرادات القطاع من خلال الخدمات المساندة للسياحة التعليمية، مثل الإقامة المؤقتة والمتكررة والمواصلات والأنشطة الثقافية.



تشير الأرقام الإحصائية عن الجنسيات الأعلى حضورًا في الأردن إلى وجود قاعدة قوية يمكن استثمارها عبر سياسات أكثر مرونة واستراتيجية. فهناك تقريبا أكثر من 10,000 طالب فلسطيني، 8,000 سوري، 6,000 مصري، 5,000 عراقي، 4,000 سعودي، 3,000 كويتي، و2,000 من عرب 48 و1900سلطنة عمان و1800 من ماليزيا، بينما تمثل دول جنوب شرق آسيا وأوروبا أعدادًا أقل. ويمكن للجامعات الأردنية توسيع دائرة استقطاب الطلبة من خلال التركيز على دول ذات كثافة سكانية عالية واهتمام بالتعليم، مثل إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية، بعد إجراء دراسات دقيقة لفهم احتياجات الطلاب والبرامج التعليمية التي تتناسب معهم. كما يمكن توسيع الاستهداف ليشمل العديد من الدول الإسلامية والأجنبية الأخرى عبر عقد شراكات مع جامعات في الدول المصدرة للطلبة، بحيث يُدرس الطالب جزءًا من المواد في بلده ضمن هذه الجامعات الشريكة، ويكمل بقية برنامجه الأكاديمي في الأردن.



إلى جانب ذلك، يمكن تأسيس اتفاقيات مع مكاتب متخصصة في الخدمات الطلابية قادرة على جذب الطلاب وفق خطط تعليمية مدروسة، مع الاستفادة من المتخصصين في مجال السياحة التعليمية واستراتيجيات استقطاب الطلبة، بعيدًا عن الاعتماد على موظفين يستفيدون شخصيًا من الرحلات والفعاليات الجامعية على حساب أهداف الاستقطاب المرجوة من الجولات التسويقية خارج الأردن. كما يجب وضع نظام واضح لتقسيم السوق وتحديد الشرائح الأكثر ملاءمة، مع توجيه الاستراتيجية نحو الطلبة الذين يعتبرون الأردن وجهة مناسبة للدراسة، وليس فقط الفئات الأكثر ثراءً التي تملك القدرة على الدراسة في أي مكان حول العالم.



تجربة الجامعات الخاصة تشير إلى النجاح الذي يمكن أن تحققه المرونة في التعليم وتنظيم البرامج والفعاليات الثقافية. فبالرغم من صغر حجمها وحداثتها، استطاعت الجامعات الخاصة أن تحقق نسبة أكبر من الطلبة الوافدين، مستفيدة من مرونة جداول الدراسة، برامج الدراسات العليا المخصصة وفق راحتهم وظروف عمل أغلبهم، وإقامة برامج ثقافية تعزز تجربة الطالب الوافد. في المقابل، الجامعات الحكومية، رغم قدرتها الأكاديمية الأكبر، لم تستثمر هذه الفرص بشكل فعّال، تاركة جزءًا كبيرًا من الإمكانيات الاقتصادية والتعليمية غير مستغل.



الاستثمار في السياحة التعليمية في الأردن لا يقتصر على الفائدة الأكاديمية، بل يمتد ليشمل قطاعات اقتصادية أخرى، مثل الفنادق، النقل، الخدمات الثقافية والترفيهية، والمطاعم، ما يعزز الاقتصاد الوطني بشكل مباشر وغير مباشر. الجامعات الحكومية، إذا ما اعتمدت سياسة أكثر مرونة في التعامل مع الطلبة الوافدين، وركزت على برامج الدراسات العليا، وسهلت إجراءات التسجيل والمعادلة، يمكنها أن تحوّل السياحة التعليمية من فرصة ضائعة إلى أداة استراتيجية لتعزيز سمعة الأردن التعليمية والاقتصادية. ولا بد من الإشارة إلى أن منصة القبول الموحد للطلبة غير الأردنيين التي استحدثتها وزارة التعليم العالي تحتاج إلى مراجعة وتقييم بشكل دوري لدراسة الأثر المتحقق للجامعات.



في النهاية، أصبح من الضروري أن تتبنى الجامعات الحكومية ثقافة جديدة لدى أعضاء هيئة التدريس، تُدرك أن الطلبة العرب والأجانب يشكلون جزءًا من برنامج سياحة تعليمية يحمل أبعادًا اقتصادية وثقافية متكاملة. ومن خلال إدارة الجامعة ورئيسها، يمكن إصدار تعليمات سريعة ومرنة لتوجيه البرامج الأكاديمية وتصميم الجداول الدراسية وتنظيم الأنشطة بما يلبي احتياجات الطلبة الوافدين ويعزز انخراطهم في الحياة الجامعية.



تشمل هذه التسهيلات توفير قاعات وشعب دراسية مخصصة لهم وفق ظروفهم، إمكانية حضور بعض المواد عن بعد أو عبر تسجيل المحاضرات كفيديو، خاصة المواد الحرة وغير التخصصية، مع اعتبار تفاعلهم معها جزءًا من حضورهم الفعلي. كما يمكن تقديم تسهيلات في تأجيل الاختبارات وتجنب التركيز على العلامات الحدية للنجاح أو الرسوب. كذلك، يمكن السماح بتسهيل دخول سيارات الأجرة التي تقلهم أو سيارات الطلبة الخاصة إلى الحرم الجامعي، وهو إجراء يعكس الاهتمام ويقوي شعورهم بالانتماء.



من جانب آخر، يجب دعم أعضاء هيئة التدريس ماديًا ومعنويًا لمنحهم حافزًا أقوى للتعاون مع الطلبة العرب والأجانب، مع إمكانية احتساب تفاعلهم مع هذه الشريحة ضمن ملفات الترقيات الأكاديمية. كما يمكن استثمار التكنولوجيا بشكل أفضل من خلال تسجيل المحاضرات ورفعها على المنصات الإلكترونية كجزء من خدمات الجامعة للطلبة الوافدين، ما يضمن الاستمرارية التعليمية دون المساس بجودة التعليم والمعايير الأكاديمية. هذه الإجراءات، وغيرها من الأفكار الممكنة، تتطلب قيادة واعية ومنصات استماع حقيقية لضمان تحقيق الاستفادة الكاملة من السياحة التعليمية وتعظيم الفوائد الاقتصادية والثقافية.


الأستاذ الدكتور حكم سالم شطناوي / استاذ السياحة وإدارة الضيافة - جامعة اليرموك

عن محرر الخبر

الصياد الاخباري

التعليقات



إذا أعجبك محتوى موقع سباي سات الاخباري نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الاخبار العالمية والمحلية والعربية أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

وكالة سباي سات نيوز

موقع إخباري شامل يعمل على إدارته نخبة من الصحفيين والإعلاميين

احصاءات الموقع الشهري

جميع الحقوق محفوظة لموقع وكالة سباي سات الاخبارية تطوير مؤسسة إربد للخدمات التقنية 00962788311431

وكالة سباي سات نيوز